لا بأس أن يكتب المسلم اسمه في طرة المصحف (جانبه) مخافة اشتباه مصحفه بغيره، فقد لا يناسبه إلا مصحفه المخصص له، ولا بأس أن يكتب بعض الفوائد على الهوامش كتفسير كلمة أو سبب نزول أو ما أشبه ذلك. logo إن الغذاء الطيب من مكسب حلال يكسب القلب قوة، ويكسبه صفاء وإخلاصا، ويكون سببا في قبول الأعمال وإجابة الدعوات. والغذاء الطيب يكون سببا في بركة الله ومباركته للأعمال والأعمار والأموال، وأثر ذلك واضح، فقد ثبت عن النبي -صلى الله عليه وسلم- أنه قال: (كل لحم نبت على سحت فالنار أولى به)    عيادة المريض سنة مؤكدة، وقد رأى بعض العلماء وجوبها. قال البخاري في صحيحه: باب وجوب عيادة المريض. ولكن الجمهور على أنها مندوبة أو فرض على الكفاية، وقد ورد في فضلها قول النبي صلى الله عليه وسلم: "إن المسلم إذا عاد أخاه المسلم لم يزل في خرفة الجنة حتى يرجع" رواه مسلم. (الخرفة: اجتناء ثمر الجنة) الاعمى إذا أراد الصلاة فعليه أن يتحرى القبلة باللمس للحيطان إذا كان صاحب البيت، وإلا فعليه أن يسأل من حضر عنده، فإن لم يكن عنده من يسأله تحرى وصلى بالاجتهاد الغالب على ظنه، ولا إعادة عليه، كالبصير إذا اجتهد في السفر ثم تبين له خطأ اجتهاده فلا إعادة عليه. اشترط كثير من العلماء أن يكون التيمم بتراب له غبار يعلق باليد، ومنعوا التيمم بالرمل ونحوه مما لا غبار له، وألزموا المسافر أن يحمل معه التراب إذا سافر في أرض رملية، ولعل الصحيح جواز التيمم بالرمل؛ لعموم قوله صلى الله عليه وسلم: "جعلت لي الأرض مسجدا وطهورا" متفق عليه.
shape
خطبة الجمعة بالجامع الكبير
9367 مشاهدة print word pdf
line-top
الطريق إلى النجاة

فنقول: عليك يا ابن آدم، أن تحرص على ما تقدمه لآخرتك؛ فإنه الذي ينفعك. قدم الصلوات فروضا ونوافل، واحرص على أن تكون كاملة؛ حتى تجدها مضاعفة، وقدم الزكوات، وقدم الصدقات؛ فتصدق مما أعطاك الله؛ فالله سبحانه هو الذي من عليك بهذا العطاء الذي أعطاكه قليلا أو كثيرا.
فإذا كان عندك قوت يومك وليلتك فإن ذلك فضل كبير. تأمل قول النبي صلى الله عليه وسلم: من أصبح منكم آمنا في سربه، معافى في جسده، عنده قوت يومه وليلته، فكأنما حيزت له الدنيا بحذافيرها أي: أنك إذا قدمت ما زاد على غدائك وعشائك، وعشاء أهلك فتصدقت به، فثق بأن الله تعالى سيضاعفه أضعافا كثيرة، وأنه .... في سبيل الله، وفي رضاه سبحانه وتعالى يقول الله تعالى: وَمَا أَنْفَقْتُمْ مِنْ شَيْءٍ فَهُوَ يُخْلِفُهُ وَهُوَ خَيْرُ الرَّازِقِينَ .
ويخبر النبي صلى الله عليه وسلم بأنه ليس للإنسان إلا ما قدمه، فيقول عليه السلام لما قرأ قوله تعالى: أَلْهَاكُمُ التَّكَاثُرُ حَتَّى زُرْتُمُ الْمَقَابِرَ يقول ابن آدم: مالي، مالي، وهل لك يا ابن آدم، من مالك إلا ما أكلت فأفنيت؟ أو لبست فأبليت؟ أو تصدقت فأمضيت؟ وما سوى ذلك فإنك ذاهب وتاركه، سيأخذه الوارث من غير تعب، وتسأل عنه، يسأل عنه الإنسان من أين اكتسب؟ فما اكتسب إلا الشوك له وللوارث الرطب.
فيقول العلماء فيما يكسبه الإنسان وما يجمعه: حلالها حساب وحرامها عذاب. على الإنسان أن يحرص على ما يقدمه لآخرته، فإذا قدم صدقة يجدها مضاعفة. يقول النبي صلى الله عليه وسلم: إن الله يربي صدقة أحدكم كما يربي أحدكم فصيله، أو فلوه، حتى تكون مثل الجبل إذا كانت من الصدقة الحلال يربيها ويضاعفها أضعافا كثيرة.
وهكذا أيضا نقول: إن الله سبحانه وتعالى قد أعطانا وتفضل علينا؛ أعطانا وخولنا من نعمه، وذلك فضله؛ فهو فضله وعطاؤه؛ كما قال الله سبحانه: وَأَنْفِقُوا مِمَّا جَعَلَكُمْ مُسْتَخْلَفِينَ فِيهِ فَالَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَأَنْفَقُوا لَهُمْ أَجْرٌ كَبِيرٌ أنفقوا في المشاريع الخيرية، أنفقوا في كل ما فيه خير ونصر للإسلام؛ فهناك الدعاة إلى الله تعالى بحاجة إلى إمدادهم بشيء من الأموال؛ حتى يواصلوا دعوتهم؛ فقد يسر الله تعالى لهم أن قاموا بدعوة الجاليات، أن قاموا بدعوة هؤلاء الذين هم بحاجة إلى أن يمدوا بما يثبتهم على الإسلام، وقد هدى الله على أيديهم خلقا كثيرا من المؤمنين؛ من الذين كانوا على أديان باطلة، ولا شك أن إمدادهم بما تيسر من أطعمة، أو أمتعة، أو كسوة، أو نحو ذلك؛ فإنه يدر خيرا كثيرا، ويكون لمن ساهم فيه أجر كبير؛ فإن من دعا إلى هدى كان له مثل أجور من تبعه من غير أن ينقص من أجورهم شيء .
وقد حث النبي صلى الله عليه وسلم مرة على الصدقة لما رأى كثرة المهاجرين المستضعفين؛ الذين لا يجد أحدهم إلا كسوة تستر عورته، أو نحو ذلك؛ فحث على الصدقة وقال: تصدق رجل من ديناره، تصدق رجل من درهمه؛ من صاع بره؛ من صاع تمره، حتى قال: ولو بشق تمرة حثهم على أن يتصدق أحدهم ولو لم يجد إلا شق تمرة؛ أي: نصف تمرة يأكل نصفها ويتصدق بنصفها، فكيف وقد أنعم الله علينا، وأعطانا من أنواع المال؟!
فلا يبخل الإنسان بما أعطاه الله تعالى. قال الله تعالى: هَاأَنْتُمْ هَؤُلَاءِ تُدْعَوْنَ لِتُنْفِقُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَمِنْكُمْ مَنْ يَبْخَلُ وَمَنْ يَبْخَلْ فَإِنَّمَا يَبْخَلُ عَنْ نَفْسِهِ وَاللَّهُ الْغَنِيُّ وَأَنْتُمُ الْفُقَرَاءُ وأنكر على المشركين الذين إذا أمروا بأن يتصدقوا يقولون: أَنُطْعِمُ مَنْ لَوْ يَشَاءُ اللَّهُ أَطْعَمَهُ الله تعالى إذا شاء أغنى الجميع؛ ولكنه ابتلى الأغنياء؛ ابتلى الأثرياء بأن جعل بينهم فقراء، وجعل بينهم ذوي حاجة. هذا الابتلاء ليظهر هل يقيمون حق الله تعالى، ويؤدون ما أمروا به من هذه الصدقات والصلات والنفقات، أم يبخلوا؟ وَمَنْ يَبْخَلْ فَإِنَّمَا يَبْخَلُ عَنْ نَفْسِهِ .
نقول: عليكم عباد الله، أن تسارعوا إلى ما أمركم الله تعالى به، وأن تجتهدوا في تقديمكم لآخرتكم؛ حتى تجدوا أعمالكم تقر بها عيونكم. اقرءوا قول الله تعالى: يَوْمَ تَجِدُ كُلُّ نَفْسٍ مَا عَمِلَتْ مِنْ خَيْرٍ مُحْضَرًا وَمَا عَمِلَتْ مِنْ سُوءٍ تَوَدُّ لَوْ أَنَّ بَيْنَهَا وَبَيْنَهُ أَمَدًا بَعِيدًا وَيُحَذِّرُكُمُ اللَّهُ نَفْسَهُ الله سبحانه أخبر بأن الإنسان إذا وجد الخير أسفر وجهه وفرح، وإذا وجد السوء أحزنه وآلمه، وود أن بينه وبينه أمدا بعيدا؛ فيجتهد المؤمن، ويقدم لآخرته ما الله تعالى يقبله ويضاعفه أضعافا كثيرة؛ كما سماه الله تعالى قرضا في قوله تعالى: وَأَقْرَضُوا اللَّهَ قَرْضًا حَسَنًا مَنْ ذَا الَّذِي يُقْرِضُ اللَّهَ قَرْضًا حَسَنًا فَيُضَاعِفَهُ لَهُ أَضْعَافًا كَثِيرَةً وَاللَّهُ يَقْبِضُ وَيَبْسُطُ الله تعالى هو الذي يعطي ويمنع. يقدر الله تعالى بأن يسلب ما أعطاك من هذه الثروة، ومن هذا المال الكثير يسلبه؛ فتصبح فقيرا تتكفف الناس.
فما دمت قادرا على النفقة، وعلى الصدقة فتصدق قبل أن يأتيك أجلك؛ فلا ينفعك حينئذ ما قلته. يقول النبي صلى الله عليه وسلم: أفضل الصدقة أن تتصدق وأنت صحيح شحيح، تأمل الغنى وتخشى الفقر، ولا تمسك حتى إذا بلغت الروح الحلقوم قلت: لفلان كذا ولفلان كذا، وقد كان لفلان .
كما أن عليكم عباد الله، أن تجتهدوا في الأعمال الصالحة، وفي نوافل الطاعات؛ فمن نوافلها: التقدم إلى المساجد، وصلاة النوافل، وصيام التطوع، وحج وعمرة تطوعا، وجهاد في سبيل الله تعالى بالنفس أو بالمال أو باللسان، وكذلك أيضا صلة الأرحام، وبر الوالدين، والنصيحة للمسلمين، والدعوة إلى الله تعالى بالحكمة والموعظة الحسنة، والمجادلة بالتي هي أحسن، وغير ذلك من خصال الخير؛ وبذلك يكون المسلم مؤمنا بالله تعالى؛ عاملا بطاعته، ويكون قد قدم لآخرته ما يكون سببا في سعادته.
ثم اعلموا أن الله سبحانه وتعالى أمركم بأمر عظيم؛ أمركم بالصلاة والتسليم، على نبيكم الكريم، فقال تعالى: إِنَّ اللَّهَ وَمَلَائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا وقال النبي صلى الله عليه وسلم: إن من خير أيامكم يوم الجمعة فأكثروا من الصلاة علي فيه؛ فإن صلاتكم معروضة علي .

line-bottom